المتابعون

whatsapp

بحث هذه المدونة الإلكترونية

Translate

زائر

السُّنن الرَّواتب

السُّنن الرواتب من أهم النوافل، وهي اثنتا عشرة ركعة:
❁ ❁ ❁

* ركعتان قبل صلاة الفجر
* وأربع ركعات قبل صلاة الظهر، وركعتان بعدها
* وركعتان بعد صلاة المغرب
* وركعتان بعد صلاة العِشاء

قال ﷺ: (ما مِن عبدٍ مسلمٍ يصلِّي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً إلا بنى الله له بيتاً في الجَنَّة) رواه مسلم.

وأهم السُّنن الرواتب: ركعتا الفجر، فإن النبي ﷺ لم يكن يتركها في سفر ولا حَضَر.

وفي صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها).

والمقصود بركعتي الفجر: سُنَّة الفجر، وتُشرَع بعد أذان الفجر قبل أداء الفريضة، ومن دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة، فليُصَلِّ الفريضة، وبإمكانه أن يصلي سُنَّة الفجر بعد الصلاة، أو بعد طلوع الشمس وارتفاعها.

❁ ❁ ❁

خدمة «محمد المهنا» الدعوية
00966539330330

أبو موسى الأشعري أجمل القُرَّاء صوتاً

❁ ❁ ❁

كان النبي ﷺ يحب الاستماع إلى الأصوات الحسنة والتلاوة المتقنة.

ذهب ليلةً من الليالي فوقف عند باب الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري، فإذا أبو موسى يقرآ القرآن بصوته الشجي، فمكث رسول الله يستمع إليه، فلما كان من الغد قال له النبي ﷺ كما في الصحيحين: لو رأيتني يا أبا موسى البارحة وأنا أسمتع إلى تلاوتك، لقد أوتيتَ مزمارا من مزامير آل داود.

وكان الصحابه رضوان الله عليه يُحِبُّون تلاوة أبي موسى، فكان إذا صلى بهم قالوا: ليته قرأ بنا سورة البقرة!

وكان أبو موسى يجلس في مجلس عمر رضي الله عنه فإذا رآه عمر قال له: يا أبا موسى ذكِّرنا ربنا، فيقرأ أبو موسى القرآن والصحابه يستمعون.
وفي روايةٍ لابن حبان: فيقرأ أبو موسى القرآن ويتلاحن فيه، أي يرتِّله بصوته الحسن.

قال الذهبي رحمه الله: أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، إليه المنتهى في حُسن الصوت بالقرآن.

❁ ❁ ❁

خدمة «محمد المهنا» الدعوية
00966539330330

( أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا ، إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ : أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ؟ )



دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد ، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة ، فقال : ( يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ ) ، قال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله ، قال : ( أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا ، إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ : أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ؟ ) ، قال قلت : بلى يا رسول الله ، قال : ( قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ ) ، قال ففعلت ذلك ، فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني " .رواه أبو داود (1555) ......... اللهم اكفنا همّ الدنيا والآخرة آمين يا رب العالمين .......اللهم ابـعثنا من قبورنا إلى باب الجنة من غير حساب ولا سابق عذاب آمين يا رب العالمين .........اللهم تقبّل من جميع المسلمين والمسلمات جميع أعمالهم الصالحة آمين يا رب العالمين.........اللهم ارزقنا منازل الشهداء والفردوس الأعلى من الجنة آمين يا رب العالمين ............سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم عدد كل شيء وملء كل شيء .............. اللهم صل وسلم على نبينا محمد عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومـداد كلماتك وعـدد كل شيء وملء كل شيء وعدد ما ذكره الذاكرون وغـفل عنه الغافلون وعدد ما سيذكرك أهل جنتك
...............................................................................

خطبةٌ بعنوان: ﴿إن رحمة الله قريب﴾ بقلم: محمد المهنا


❁ ❁ ❁

إنِ الْحَـمْدَ لِله، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِالله مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ‪
‬(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وأَنْتمْ مُسْلِمُونَ)‪.

‬(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)‪.

‬(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًايُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).

أما بعد ، أيها الناس :
فإن الله عز وجل قد كتب على نفسه الرحمة، وأخبر أنه واسع المغفرة، وأن رحمته وسعت كل شيء، وأخبر أنه أرحم الراحمين، وخير الغافرين، وسمَّى نفسه الكريم، والغفور والرحيم، والعفو والحليم .

فسبحانه ما أكرمه، وسبحانه ما أرحمه وما أحلمه، والشكر له على عظيم عطائه وكريم آلائه وحسن بلائه.

أيها المسلمون:
وقد علم الله وهو علاّمُ الغيوب، أن العباد مواقعون لا محالة للذنوب، وأنهم سيصيبهم من الشيطان ما يصيبهم، وأنهم ربما تلطّخوا بدنس المعاصي فمستقلٌّ ومستكثر، ولذلك فتح عز وجل باب الرجاء لأولئك العباد ليتوبوا إلى ربهم، ويثوبوا إلى رشدهم، ويرجعوا وينزعوا عما هم عليه من الذنوب والمعاصي.

أيها المسلمون: كلنا خطاؤون، وكلنا مذنبون، غير أنه لا يقنط من روح الله إلا القوم الضالون.

وهذه رسالة أسوقها على عجل إلى كل من عصى الله منا حتى ضاق صدره وأظلم قلبه وأسودت الدنيا في عينيه.
إلى كل من شعر بالوحشة بينه وبين مولاه.
إلى كل من أحس بحياة الضنك وعيشة السأم والملل.
إلى كل من ظن بالله ظن السوء فاستبعد رحمة الله ويأس من روح الله.
إلى كل مقصر في الصلاة.
إلى كل عاق لوالديه.
إلى من أكل الحرام أو شرب الخمر أو تلطخ بدنس الزنا.
إلى كل من عصى الله بصغير الذنوب أو كبيرها..

لهؤلاء جميعاً أقول: إن رحمة الله قريب، وإن باب التوبة مفتوح، فافتح للذكر فؤادك، وللعلم آذانك، وأبشر بالسعادة في الدنيا والآخرة.

أخرج الإمام الترمذي من حديث أنس ‪رضي الله عنه‬ قال سمعت رسول الله ‪ﷺ‬ يقول: (قال الله عز وجل: يا ابن آدم إنك ما دعوتي ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة).

لا إله إلا الله ما أرحم الله .. لو بلغت ذنوب ابن آدم السحاب من كثرتها وعظمتها ثم استغفر الله غفر له ورحمه ومحا عنه تلك السيئات بل وبدلها إلى حسنات !!

فسبحان الله ما أكرمه فقد فتح لعبده باب الرجاء فأخبر أنه بمجرد الدعاء والرجاء فإن الله يغفر الذنوب ولو كبرت وتعاظمت.

استمعوا رحمكم الله إلى هذه الآية وتفكروا واعتبروا واحمدوا الله تعالى على فضله ورحمته وإحسانه:
قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}.
هذه كلها من أكبر الذنوب: الشرك، والقتل، والزنا.
ما جزاء من اقترف تلك الآثام؟ قال عز وجل: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}.
ثم فتح الله باب الرجاء حتى لأولئك المذنبين فقال: {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.
نعم .. هذا فضل الله، أمثال الجِبال من السيئات تُبَدَّل إلى أمثال الجِبال من الحسنات والله ذو الفضل العظيم.

ومثل ذلك قصة موسى مع قومه الذين عبدوا العجل، فعندما رجع موسى من ميقات ربه وجد قومه يعبدون العجل من دون الله، فغضب الله وغضب نبيه موسى، وأخبر عن غضبه على أولئك القوم فقال: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ).
ثم فتح الله في الآية التي بعدها، فتح الأبواب لمن أراد التوبة حتى من أولئك المشركين فقال:
{وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

فما ظنكم يا عباد الله بمسلم يقول لا إله إلا الله ثم تقع منه المعاصي والذنوب، أفلا يكون مبشراً بالتوبة إن هو تاب وأناب؟
فليس بين المذنب وبين رحمة ربه إلا أن يندم على ذنوبه ويقلع عنها ويعزم على ألا يعود فيها ويستغفر الله، عند ذلك يدخل بفضل الله في قوله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}

قال الإمام ابن رجب رحمه الله : وتفكروا في قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} فإن فيه إشارة إلى أن المذنبين ليس لهم من يلجأون إليه ويعوِّلون عليه في مغفرة ذنوبهم غيره، وكذلك قوله عز وجل : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) فرتَّب توبته على ظنهم أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، فإن العبد إذا خاف من مخلوق هرب منه وفرّ إلى غيره وأما إن خاف من الله فما له من ملجأ يلجأ ولا مهرب يهرب إليه إلا هو سبحانه، فيهرب منه إليه كما كان النبي ‪ﷺ‬ يقول في دعائه "لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك" وكان يقول: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك" انتهى كلامه رحمه الله.

فالله عز وجل غفر للثلاثة الذين خُلِّفوا حينما لجأوا إلى الله ورجوا وظنُّوا أنه لن يخلصهم إلا هو سبحانه، فحينما علم من قلوبهم صدق اللجا، وعظيم الرجا، أنزل توبته عليهم وأنزل فيهم آيات تتلى إلى يوم القيامة، وهكذا كل من حسّن ظنه بربه فإنه سبحانه لا يخيّب ظنه بل إن عز وجل يرحمه ويغفر له ويوفقه إلى كل خير ويصرف عنه كل شر وبلاء.

وفي ذلك يقول الله عزوجل كما في الحديث القدسي: (أنا عند ظني بي) وعلى ذلك فمن ظن بالله خيراً حصل منه على الخير ومن أساء ظنه بربه باء بالخسار والبوار جزاءً وفاقاً.

فيا عبد الله .. يا من أسرف على نفسه بالذنوب .. إن أردت الخلاص فأمامك رحمة الله فقد فتح الله لك أبواب فضله .. تذنب كثيراً وتعصي سراً وجهاراً ليلاً ونهاراً، ثم إذا دعوت ربك ورجوته أن يغفر لك، غفر لك على ما كان منك ولا يبالي، بل هو يفرح بتوبتك ورجوعك إلى رشدك بعد غّيك وضلالك.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد ، أيها المسلمون:
فقد أخبرنا الله في مواضع من كتابه بأنه عز وجل واسع المغفرة وبأن رحمته وسعت كل شئ، وأخبر النبي ‪ﷺ‬: (أن الله لما خلق الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي) أخرجاه في الصحيحين.

وفي الصحيحين أيضاً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قُدِم على رسول الله ‪ﷺ‬ بسبي فإذا امرأةٌ من السبي تسعى، فوجدت ولدها، فأخذته فالزقته ببطنها فأرضعته فقال ‪ﷺ‬: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا لا والله يا رسول الله، فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها).
فيا من قنَّطه الشيطان من رحمة ربه، هذا كلام الله، ومن أحسن من الله قيلاً؟

وهذا كلام رسول الله وما ينطق عن الهوى. فما عليك إلا تستغفر ربك الغفور وتندم على ما مضى منك وتعزم على ألا تعود، فعندها يفرح الرب الكريم، فيثيب الأجرَ العظيم والعطاء الكريم.

وأياك يا عبدالله أن تقنط وأن تستكثر ذنوبك وتظن أن الله لا يغفرها لك، فإن جاءك الشيطان وكثّر ذنوبك في عينيك لئلا تتوب فتذكر أن الله قَبِل توبة رجل قتل تسعة وتسعين نفساً وأكمل المئة بأن قتل أحد العبَّاد الصالحين، فما هو إلا أن استغفر الله وتاب إليه توبةً صادقة، حتى تاب الله عليه وأمر به إلى الجنة.

اللهم وفقنا للتوبة النصوح، وأعِنّا على العمل الصالح، وتقبل منا يا أرحم الراحمين.

رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين.

اللَّهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبراهيم وعلى آل إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبراهيم وعلى آل إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حميد مجيد.

خطبةٌ عن طهارة القلب وسلامته


إنِ الْحَمْدَ لِله، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِالله مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
‪
‬(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وأَنْتمْ مُسْلِمُونَ)‪
‬(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
‪
‬(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًايُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).

أما بعد أيها المسلمون:

فإن طهارة القلب والروح، من أخص الخصال، وأصفى الصفات، لذا كان من وصف الله لخليله الكريم إبراهيم (إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)

واختص الله الخليل الثاني، وهو نبينا محمدٌ ﷺ بأمر لا نعلمه وقع لأحد من العالمين سواه، فطهر قلبه، وحفظه وهو في صِغره من أدواء الصدور؛ قال أنسٌ - رضي الله عنه: (أتَى جبريلُ النبيَّ ﷺ وهو يلعبُ مع الغِلمان، فأخذَه فصرَعَه فشقَّ عن قلبه فاستخرجَ القلبَ واستخرج منه علَقَةً، فقال: هذا حظُّ الشيطان منك، ثم غسلَه في طستٍ من ذهبٍ بماءِ زمزم، ثم لأَمه ثم أعادَه في مكانه) رواه مسلم.

ولما أراد الله أن يُكرِمه بالإسراء والمِعراج غسلَ قلبَه مرةً أخرى؛ قال عليه الصلاة والسلام: «نزلَ جبريلُ ففرَجَ صدري -أي شقَّه- ثم غسلَه بماء زمزَم، ثم جاء بطستٍ من ذهبٍ مُمتلئٍ حكمةٍ وإيمانًا فأفرغَها في صدري ثم أطبقَه، ثم أخذَ بيدي فعرَجَ بي إلى السماء» متفق عليه.

ولما شرفه الله بالرسالة أمرَه بالحِفاظ على سلامةِ قلبه؛ فقال له: ﴿يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾.
قال سعيدُ بن جُبيرٍ رحمه الله "أي طهر قلبكَ ونيَّتك.
ولذا كان من دعاء النبي ﷺ في دعاء الاستفتاح: «اللهم نقِّني من الخطايا كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَس، اللهم اغسِل خطايايَ بالماء والثلجِ والبَرَد» متفق عليه.
وكان من دعائه عندما يرفع من الركوع (اللهم لك الحمد ملء السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد، اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ) رواه مسلم.

وكان من دعائه ﷺ في سائر أحيانه: «اللهم زيِّنَّا بزينةِ الإيمان واجعلنا هداة مهتدين».

وجعل الله سبحانه دخول الجنةِ موقوفًا على الطِّيب والطهارة، فلا يدخلُها إلا طيبٌ طاهرٌ؛ قال تعالى: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ).

وجعل طهارة القلبِ شرطاً لدخول الجنة؛ قال سبحانه: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾.

قال ابن القيم رحمه الله: "لا يُجاوِرُ الرحمنَ قلبٌ دُنِّس بأوساخِ الشهوات والرياء أبدًا".

والحِقدُ والحسدُ داءٌ في القلوبِ، إن لم يُتدارَك بالدعاء وسلامةِ الصدرِ أظلمَ به؛ قال عليه الصلاة والسلام: «لا تباغَضوا ولا تحاسَدوا ولا تدابَروا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا».

وقدِمَ رجلٌ على النبيِّ ﷺ فقال لأصحابه قبل أن يقدم عليهم: «يطلُعُ عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة». فلما سُئِل ذلك الرجل عن عمله قال: إني لا أجِدُ في نفسي لأحدٍ من المُسلمين غشًّا، ولا أحسِدُ أحدًا على خيرٍ أعطاه الله إياه؛ رواه أحمد.

ومن دعاء المُؤمنين: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾.
قال ابن القيم رحمه الله: "ما رأيتُ أحدًا أجمعَ لخِصال الصفحِ والعفوِ وسلامةِ الصدر من ابن تيمية".

والقلبُ أيها المؤمنون شديدُ الصفاءِ، سريعُ التأثُّر، تُؤثِّرُ فيه الخطيئة الواحدة؛ قال عليه الصلاة والسلام: «إن العبدَ إذا أخطأ خطيئةً نُكِتَت في قلبه نُكتةٌ سوداء، فإذا هو نزَعَ واستغفرَ وتابَ صُقِل قلبُه، وإن عادَ زِيدَ فيها حتى تعلُوَ قلبَه، وهو الرانُ الذي ذكرَ اللهُ: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾»؛ رواه الترمذي.

والتعرض للفتن كالنظرات المحرمة والمآكل الخبيثة والشبهات المردية سبب لفساد القلب، والتحرز منها والإعراض عنها سبب لطهره وصلاحه، قال عليه الصلاة والسلام: «تُعرضُ الفتنُ على القلوبِ كالحَصير عُودًا عُودًا، فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتَت فيه نُكتةٌ سوداء، وأيُّ قلبٍ أنكرَها نُكِتَت فيه نُكتةٌ بيضاء»؛ رواه مسلم.

وكلامُ ربِّ العالمين شفاءٌ للأبدان والصدور؛ قال عز وجل: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.

ومخالفة أمر النبي ﷺ سبب للفتنة والزيغ، قال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم).

والزكاةُ تُطهِّرُ القلبَ وتزكيه؛ قال سبحانه: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾.

أيها المُسلمون:
أمر تطهير القلوب أمر عظيم، فاتقوا الله وراقبوه، وألحوا عليه أن يصلح قلوبكم وأن يصرفها إلى طاعته ومرضاته، قال رسول الله ﷺ: (إنَّ قلوبَ بَني آدمَ كلَّها بينَ إصبَعينِ من أصابعِ الرَّحمنِ كقَلبِ واحِدٍ يصرِفُهُ حيثُ يشاءُ، ثمَّ قالَ رسولُ الله ﷺ : اللَّهمَّ مُصرِّفَ القلوبِ صرِّف قلوبَنا على طاعتِكَ) رواه مسلم.

وجددو إيمانكم بصحبة الأخيار، وحضور مجالس الذكر، وإدمان النظر في كتب أهل العلم، وأجلُّها وأجلاها أثراً ما استنار بكلام الله وكلام نبيه ﷺ.
قال الإمام الذهبي رحمه الله في وصيته: (فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله، وبإدمان النظر في "الصحيحين"، وفي "سنن النسائي" و"رياض النواوي" و"أذكاره" تفلح، وإياك وآراء الفلاسفة، وأهل الرياضات، أصحاب الخلوات، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة، فواغوثاه بالله، اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم. انتهى كلامه رحمه الله.

اللهم أصلح قلوبنا وأخلص نياتنا واجعلنا هداة مهتدين يا رب العالمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
 
 
الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، أيها المسلمون:
فمع عناية القرآن بأمر طهارة القلب وكثرة تردد هذا المعنى الشريف فيه، إلا أنه هذا اللفظ ذاته لم يرد إلا في مواضع يسيرة منه، منها قول الله تبارك وتعالى في شأن النساء ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾
نعم أيها المسلمون، الحِجابُ سبب الطهر والعفافٌ، والتبرج والاختلاط باب الشر وفساد، فمن أراد طهارة قلبه وطهارة قلب امرأته وأخته وبنته فليلزم شرع الله، وليبتعد عن مواضع الفتن ومواقع الشبهات.

ومن واجبات الوقت وفروض الزمان: تعزيز هذه القيم العظيمة والحرص عليها والدعوة إليها، أعني الدعوة إلى تستر النساء واحتجابهن عن الرجال، لا سيما وقد فُتحت السماء ببث منهمر يحارَب فيه الحق ويزيّن الباطل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فمن دعا الناس إلى مزيد الخير والفضيلة فله منا الإعانة والشكر، ومن مولانا تبارك وتعالى الإثابة والأجر.
ومن دعا النساء إلى التساهل بأمر الحجاب، والظهور بالسفور أمام الرجال فالواجب ردعه والرد عليه، فإنه من المتبعين للشهوات.
(والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)

اللهم اهدنا صراطك المستقيم، ووفقنا للهدى والنور والحق المبين.
اللهم أحينا على الإسلام، وتوفنا على الإيمان، وثبتنا على الحق، واجعلنا من عبادك الصالحين.

اللَّـهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبراهيم وعلى آل إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبراهيم وعلى آل إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حميد مجيد.

شاهذ أيضاً